كعب عال تفتح سناء الباب؛ تطير كل فراشات الكون ، وتحلق في روحه دفعة واحدة . تطرق بكعب حذائها على بلاط قصر والدها الذي يعتلي أكبر هضبة في كفر الصوان ، تتبعثر نبضات قلبه وتهرب منه لائذة بحركة شعرها القصير وهو يتقافز حول أذنيها مع كل خطوة تنقلها كطائر حجل وسمته الدهشة . الوقت الذي تعود فيه إلى البيت هو موعد لصلاة عميقة بينه وبين قامتها التي تميس بدلال عفوي أبدع الخالق حين سواه، منذ أن كانت فتاة صغيرة تهرول إلى المدرسة ، حتى صارت في المرحلة الثانوية تقطع الشارع من قصر والدها عالي الأسوار إلى طرقات كفر الصوان المتعرجة تطرق عليها بكعب حذائها العالي . ولا أحد يجرؤ على منعها من ارتداء ذاك الحذاء في المدرسة . تخطر من أمام بيت عمها الذي يتطرف عن باقي بيوت البلدة المترفة الجمال . وسليم ابن عمها ينتظر طرق كعبها ليهبّ متحفزاً لرحلة مرافقتها إلى المدرسة فهو الوحيد المخول بذلك. فهو مدير المدرسة . عُيّن فيها مديراً فور تخرجه وانضمامه لسلك التعليم. ضمة الكتب إلى صدرها تثير في أحشائه موجا من نجوم وأقحوان .وحين يمشي قربها أو إلى الخلف قليلا، يهمس لها : سناء تمهلي لاتسرعي في المشي . ...