جنة عمري . بقلم : هشام الصفطي
جَنَّةُ عُمْري
بِدونِكِ لا أَهْوَى الحَياةَ ، وَلا تَحْلُو
حَياتي هَجيرٌ ، أنتِ في وَقْدِهِ الظِّلُ
لقَدْ جِئْتِ في الوَقتِ المُناسِبِ مِثْلَمَا
تَجيءُ بِوَقْتِ الحَاجَةِ الكُتْبُ والرُّسْلُ
وأَمْطَرْتِ في عُمْرِي كَغَيْثِ سَحَابَةٍ
فأنبتَ منكِ الوَرْدُ والقَمْحُ والنَّخْلُ
ونظَّمْتِ فَوْضَى العُمْرِ في ظَرْفِ لَحْظَةٍ
و عبَّأْتِها شَهْداً كَما فَعَلَ النَّحْلُ
وَ مِثْلُكِ قَلْبَاً لَمْ أَرَ الدَّهْرَ طَاهِرَاً
وَ مِثْلُكِ حُسْناً لم تَرَ العَينُ مِنْ قَبْلُ
لَقَدْ غَيَّرَ التاريخَ وجْهُكِ مِثْلَمَا
تَغَيَّرَ بَعْدَ النُّورِ مِن بَدْرِهِ الْلَيْلُ
عُيونُكِ مَلْأَى بالنُّجومِ وَ رِحْلَتِي
يُعانِدُني فيها رُموشُكِ والكُحْلُ
وَ سِيَّانِ إن فَتَّحْتِ جَفْنَكِ أَوْ غَفَا
فإنَّ مصيري بعدَ أَيِّهِما القَتْلُ
عُيونُكِ تُصْمي القَلْبَ رَغْمَ دُروعِهِ
إذا عَجَزَتْ عَنها الرَّصَاصَةُ والنَّبْلُ
وَ شَعْرُكِ شَلَّالٌ مِنَ التِّبْرِ هادِرٌ
حِصانٌ جَموحٌ قَدْ يُرَوِّضُهُ الجَدْلُ
وَ يُدْهِشُني حِسٌّ بِقَلْبِكِ مُرْهَفٌ
وَ يُدْهِشُني طُولُ اصْطِبارِكِ ، والنُّبْلُ
وَ صَوتُكِ قِيثارٌ يَفِنُّ بِلَحْنِهِ
كَمِثْلِ طُيورِ الرَّوضِ قدْ شاقَها الزَّجْلُ
تَروحينَ في الأَثْوابِ مثلَ فَراشَةٍ
فَتَلْثِمُكِ الأَنسامُ والتُّرْبُ والرَّمْلُ
وَ يُعْجِبُنِي فيكِ الذَّكاءُ وَ منطِقٌ
تَعَشَّقُهُ الأَرْواحُ والفِكْرُ والعَقْلُ
وفيكِ معَ القلْبِ الشَّفيفِ فَصَاحَةٌ
فَيبدو كأَعلى الشِّعْرِ تَعْلِيقُكِ الجَزْلُ
عَجِبْتُ مِنَ الوَرْداتِ تَزْكو بِمِبْسَمٍ
لَذِيذِ لَهيبِ النَّارِ مِقْوَلُهُ فَصْلُ
أَلا لَيْتَ أَيَّامَ الفِراقِ قَصِيرَةٌ
تَذوبُ هَباءً ثُمَّ يَجْتَمِعُ الشَّمْلُ
وَ تَرْوي بِكَأْسِ الخُلْدِ ثَغْرِيَ قُبْلَةٌ
وَ يَفْتَحُ لي أَبوابَ جَنَّاتِهِ الوَصْلُ
( شعر هِشام الصَفْطِي)
تعليقات
إرسال تعليق