حمى في ليلة صيف(قصة قصيرة ./ بقلم الأستاذ الأديب وعد الله حديد
حمى ليلة صيف..
قصة قصيرة
بقلم وعد الله حديد
في الخامس من تموز 2019
كركوك ,مساكن ضباط القاعدة الجوية
الساعة العاشرة والنصف من احدى الامسيات
ايلول 1987
يوم صيفي يمكن ان ينسب الى بعض ايام الربيع فالجو فيه يميل الى الاعتدال وامسياته تتخللها نسمات هواء باردة .
لم يزل الوقت مبكرا من اجل الذهاب الى النوم ولكن (دوشة) الاطفال ومتاعب العمل من شأنهما انهاكي وتبديد معظم طاقتي فصار لزاما علي ان اخلد الى الراحة والتمس الهدوء في ركن اخر من البيت .
وضعت رأسي فوق مخدتي ,
كنت متعبا ومشوشا
اردت حينها ان اغط في نوم عميق بعد ان اجهدت نفسي في مجال عملي فعملي يومها كان مرهقا للنفس مستنزفا للاعصاب,ولم يكن الجسد في منأى عن الالم ,فالارهاق الذي يكتنف الجسد مرهون بمتاعب النفس والاعصاب ,
ولم استغرق الكثير من الوقت حتى غلبني النعاس واجتاحتني سريعا موجة النوم مما يؤكد صدق حدسي وحاجتي للنوم.
ربما كان زلزالا ذلك الذي هز ارجاء الغرفة ,كلا فان فكرة الزلزال ليست واردة ,فالصوت الذي تسلل الى اذناي كان صوت ارتطام عنيف ليس يبعد كثيرا عن البيت مما جعلني اصحو مذعورا واستطعت ان الملم بعضي كي ارتد واقفا .
ياللهول ,
لم تكن الحرب حينها قد وضعت اوزارها,واستهدافنا باحدى صواعق التدمير هي دوما تشغلنا وتقض مضجعنا ,
ورغم ان الاماكن جميعها كانت ضمن دائرة الاستهداف المعادي الا ان المنطقة التي كنا نسكنها بقيت لحد نهاية الحرب امنة سليمة الى حد كبير.
وفي غمرة استغرابي وذهول الاطفال وهياجهم اصبحت خارج البيت بوقت قياسي,
ماذا رايت؟
ان السياج الذي يفصل مساكننا عن مساكن نواب الضباط قد تداعى بفعل اصطدام مروع لسيارة ,
اي اصطدام هذا الذي اسقط جدارا اسمنتيا واحاله الى انقاض والتحقت السيارة الى مجمعات التفليش.
في ساعة مثل تلك الساعة فان احتمالية تواجد سيارات على الطريق بكثرة لم يكن واردا,فالطريق انسيابي ومضاء ولم يكن مزدحما وهو شبه خال من المارة ان لم يكن معدوما ,اذن ماسبب هذا الاصطدام ؟
انه احد الضباط الذين يعملون بمعيتي ,شاب لم يتجاوز سنه الثانية والعشرين ,تبدو عليه مظاهر الجاه والغنى ,وهاهو يسحب من السيارة من قبل اثنين او ثلاثة من نواب الضباط الذين حضروا اسرع مني من خلال الفتحة التي سببها الاصطدام.
انه محمود.
اسندت راسه على كتفي واستند بدوره علي بكل ثقل جسمه ,ان انفاسه غارقة بروائح الشراب الممقوت .وتكلم بضع كلمات لم افهم منها شيئا فقد اذهبت الخمرة وهول الضربة وعيه واصبح مايقوله هذيانا في هذيان.
لقد اصبحت السيارة التي كانت سبب الحادث اصبحت في خبر كان وتم ركنها بمحاذاة الطريق واصبح الطريق حينها غير مؤهل للاستخدام.
وضعت محمود على المقعد الامامي في سيارتي بالسرعة الممكنة,,انه مازال واعيا وعيناه مفتوحتان ولكنه تحت تاثير الكحول وهول الارتطام حيث لم يتفوه بكلمة واحدة طوال الطريق باتجاه مستشفى الفيلق.
ولم يكن المستشفى يبعد كثيرا ,
بعد خمس دقائق كنا نقف امام بوابة الطوارئ,ذهبت مسرعا الى الداخل كي استنفراحد العاملين من اجل نقل المصاب الى داخل قاعة الطوارئ
وحضر في الحال شخصان يحملان نقالة.
فتحا باب السيارة وتهيئا لحمل المصاب لكنهما التفتا الي وقالا لي بصوت واضح :
انه ميت ولايمكن ان نستلمه الا عن طريق محضر من احد مراكز الشرطة.
ماهذا الهذيان الذي يهذيان به هذان المغفلان .
وسرحت بعيدا مع افكاري ,ايعقل ان اتهم بمقتله وانا لم اكن اطمع سوى باسعافه ,هل يتلقى فاعل للخير الا خيرا مثله ,فاين هذا الخير من هذا الفعل.
لقد تجمد الدم في عروقي وكاد ان يتوقف قلبي عن النبض ,ايموت انسان في سيارتي وفي عقر داري ,اية كارثة هذه.مالذي ايقضني من نومتي ,نعم فهو وضع شائن ومعقد وضع صعب ومواجهة انا الخاسر الوحيد فيها.وضع لا احسد عليه ,وبدات سلسة لوم وانتقاد على مافعلت..
انه كان صاحيا قبل دقائق وتراه الان صامتا مغمض العينين اشبه مايكون مغما عليه وربما ميتا
وبسرعة اقبلت عليه وامسكت بتلافيفه وانا اصيح بصوت مخنوق ,محمود محمود,,اصحى يامحمود,
ودبت الحياة في جسمي وسرى الدم في شراييني من جديد ,نعم ان محمود لم يزل على قيد الحياة وهاهو يلتفت الى ويومئ براسه ايمائة تنم عن شكر وامتنان وربما عن اعتذار لما سببه لي من صدمة
سوف اكون مستقبلا اكثر حرصا وابعد نظرا وسوف احسب حساب كل صغيرة وكبيرة عند فعل اي شيئ لنفسي او للاخرين ولن اقول للاخرين
ان لا تفعلوا معروفا ولا تنقذوا مصابا فتلك هي حالة لاجهاض الرحمة داخل النفس البشرية وتبديد المسؤلية, فالجميع سيسأل عندما يتعلق الامر بالسلامة العامة وبحياة انسان ولكنني اوصي بتوخي الحذر وان لا يؤخذ ذلك الفعل جزافا ودونما تخطيط مسبق بل يجب ان يكون محسوبا حد الشعرة منعا لاي اشكال كالذي حصل معي.
وعد الله حديدا
قصة قصيرة
بقلم وعد الله حديد
في الخامس من تموز 2019
كركوك ,مساكن ضباط القاعدة الجوية
الساعة العاشرة والنصف من احدى الامسيات
ايلول 1987
يوم صيفي يمكن ان ينسب الى بعض ايام الربيع فالجو فيه يميل الى الاعتدال وامسياته تتخللها نسمات هواء باردة .
لم يزل الوقت مبكرا من اجل الذهاب الى النوم ولكن (دوشة) الاطفال ومتاعب العمل من شأنهما انهاكي وتبديد معظم طاقتي فصار لزاما علي ان اخلد الى الراحة والتمس الهدوء في ركن اخر من البيت .
وضعت رأسي فوق مخدتي ,
كنت متعبا ومشوشا
اردت حينها ان اغط في نوم عميق بعد ان اجهدت نفسي في مجال عملي فعملي يومها كان مرهقا للنفس مستنزفا للاعصاب,ولم يكن الجسد في منأى عن الالم ,فالارهاق الذي يكتنف الجسد مرهون بمتاعب النفس والاعصاب ,
ولم استغرق الكثير من الوقت حتى غلبني النعاس واجتاحتني سريعا موجة النوم مما يؤكد صدق حدسي وحاجتي للنوم.
ربما كان زلزالا ذلك الذي هز ارجاء الغرفة ,كلا فان فكرة الزلزال ليست واردة ,فالصوت الذي تسلل الى اذناي كان صوت ارتطام عنيف ليس يبعد كثيرا عن البيت مما جعلني اصحو مذعورا واستطعت ان الملم بعضي كي ارتد واقفا .
ياللهول ,
لم تكن الحرب حينها قد وضعت اوزارها,واستهدافنا باحدى صواعق التدمير هي دوما تشغلنا وتقض مضجعنا ,
ورغم ان الاماكن جميعها كانت ضمن دائرة الاستهداف المعادي الا ان المنطقة التي كنا نسكنها بقيت لحد نهاية الحرب امنة سليمة الى حد كبير.
وفي غمرة استغرابي وذهول الاطفال وهياجهم اصبحت خارج البيت بوقت قياسي,
ماذا رايت؟
ان السياج الذي يفصل مساكننا عن مساكن نواب الضباط قد تداعى بفعل اصطدام مروع لسيارة ,
اي اصطدام هذا الذي اسقط جدارا اسمنتيا واحاله الى انقاض والتحقت السيارة الى مجمعات التفليش.
في ساعة مثل تلك الساعة فان احتمالية تواجد سيارات على الطريق بكثرة لم يكن واردا,فالطريق انسيابي ومضاء ولم يكن مزدحما وهو شبه خال من المارة ان لم يكن معدوما ,اذن ماسبب هذا الاصطدام ؟
انه احد الضباط الذين يعملون بمعيتي ,شاب لم يتجاوز سنه الثانية والعشرين ,تبدو عليه مظاهر الجاه والغنى ,وهاهو يسحب من السيارة من قبل اثنين او ثلاثة من نواب الضباط الذين حضروا اسرع مني من خلال الفتحة التي سببها الاصطدام.
انه محمود.
اسندت راسه على كتفي واستند بدوره علي بكل ثقل جسمه ,ان انفاسه غارقة بروائح الشراب الممقوت .وتكلم بضع كلمات لم افهم منها شيئا فقد اذهبت الخمرة وهول الضربة وعيه واصبح مايقوله هذيانا في هذيان.
لقد اصبحت السيارة التي كانت سبب الحادث اصبحت في خبر كان وتم ركنها بمحاذاة الطريق واصبح الطريق حينها غير مؤهل للاستخدام.
وضعت محمود على المقعد الامامي في سيارتي بالسرعة الممكنة,,انه مازال واعيا وعيناه مفتوحتان ولكنه تحت تاثير الكحول وهول الارتطام حيث لم يتفوه بكلمة واحدة طوال الطريق باتجاه مستشفى الفيلق.
ولم يكن المستشفى يبعد كثيرا ,
بعد خمس دقائق كنا نقف امام بوابة الطوارئ,ذهبت مسرعا الى الداخل كي استنفراحد العاملين من اجل نقل المصاب الى داخل قاعة الطوارئ
وحضر في الحال شخصان يحملان نقالة.
فتحا باب السيارة وتهيئا لحمل المصاب لكنهما التفتا الي وقالا لي بصوت واضح :
انه ميت ولايمكن ان نستلمه الا عن طريق محضر من احد مراكز الشرطة.
ماهذا الهذيان الذي يهذيان به هذان المغفلان .
وسرحت بعيدا مع افكاري ,ايعقل ان اتهم بمقتله وانا لم اكن اطمع سوى باسعافه ,هل يتلقى فاعل للخير الا خيرا مثله ,فاين هذا الخير من هذا الفعل.
لقد تجمد الدم في عروقي وكاد ان يتوقف قلبي عن النبض ,ايموت انسان في سيارتي وفي عقر داري ,اية كارثة هذه.مالذي ايقضني من نومتي ,نعم فهو وضع شائن ومعقد وضع صعب ومواجهة انا الخاسر الوحيد فيها.وضع لا احسد عليه ,وبدات سلسة لوم وانتقاد على مافعلت..
انه كان صاحيا قبل دقائق وتراه الان صامتا مغمض العينين اشبه مايكون مغما عليه وربما ميتا
وبسرعة اقبلت عليه وامسكت بتلافيفه وانا اصيح بصوت مخنوق ,محمود محمود,,اصحى يامحمود,
ودبت الحياة في جسمي وسرى الدم في شراييني من جديد ,نعم ان محمود لم يزل على قيد الحياة وهاهو يلتفت الى ويومئ براسه ايمائة تنم عن شكر وامتنان وربما عن اعتذار لما سببه لي من صدمة
سوف اكون مستقبلا اكثر حرصا وابعد نظرا وسوف احسب حساب كل صغيرة وكبيرة عند فعل اي شيئ لنفسي او للاخرين ولن اقول للاخرين
ان لا تفعلوا معروفا ولا تنقذوا مصابا فتلك هي حالة لاجهاض الرحمة داخل النفس البشرية وتبديد المسؤلية, فالجميع سيسأل عندما يتعلق الامر بالسلامة العامة وبحياة انسان ولكنني اوصي بتوخي الحذر وان لا يؤخذ ذلك الفعل جزافا ودونما تخطيط مسبق بل يجب ان يكون محسوبا حد الشعرة منعا لاي اشكال كالذي حصل معي.
وعد الله حديدا
تعليقات
إرسال تعليق