عودة شيلوك( الجزء :1-2-3-4-5 ) بقلم د.أ.سليم عبد ربه العزب ( مصر )
عودة شيلوك ( ١ )
----------------------------
مقدمة :
كلما شاهدت الرئيس الامريكي ترامب تذكرت شخصية شيلوك ذلك المرابي اليهودي في رائعة شكسبير تاجر البندقية - والتي تعود في أصولها الي قصة عربية تدور احداثها في بغداد وحمص - وهي قصة تراثية ليس لها مؤلف بل ربما اشترك في تأليفها العشرات - هذا يضيف وذلك يحذف حتي وصلت الي شكسبير ليستوعبها جيدا ثم يقتبس منها ويكتب مسرحيته الرائعة - ويجسد فيها العقلية اليهودية التي تحرص علي كسب المال بأي ثمن بصرف النظر عن مدي شرعية الكسب أم لا - ممثلا ذلك في التاجر المرابي اليهودي شيلوك .
وانا هنا لست بصدد هذه المسرحية
وإنما سوف أركز علي ملخص النص العربي .
------------------------------
قالوا :
كان يوجد في بغداد تاجر يهودي مرابي اسمه كوهين - وهو متزوج من امرأة دميمة لكنها كانت وحيدة ووريثة ابيها الثري جدا ولذلك تزوجها كوهين - وكان لكوهين جار مسلم اسمه محمود - وكان محمود هذا فقير جدا ومتزوج من امرأة بلغت غاية الحسن والجمال - وكان كوهين كلما راي زوجة محمود أو حتي سمع صوتها امتلأ قلبه بالحقد والحسد من زوجها محمود ولذلك قرر أن يتخلص منه .
ذات يوم استدعي كوهين جارة محمود وأخذ يلومه علي كسله الشديد وفقره المدقع فقال محمود : طيب اعمل ايه ياخواجة ؟
قال كوهين : اشتغل بالتجارة ياحبيبي .
فقال محمود : التجارة محتاجة راس مال وأنا لا أملك درهما .
فقال كوهين : المال موجود ياحبيبي
فقال محمود : والله يبقي لك الاجر والثواب ياخواجة .
فقال كوهين : انت محتاج كام يا حبيبي؟
فقال محمود : والله انا محتاج الف دينار لكي أستطيع ان اشتري
البضاعة اللازمة لكن .. .
فقال كوهين : لكن ايه ياحبيبي ؟
فقال محمود : أنا خايف من الفائدة ياخواجة انت ولمؤاخذة بتاخد
الدينار لاثنين واحيانا بثلاثة
فقال كوهين : اسمع يا محمود انا عمري ماضربت حد علي ايده ياحبيبي
اللي عاجبه ياخد واللي مش عاجبه يديني قفاه .
فقال محمود : هوه ده اللي مخوفني
فقال كوهين : لأ ياحبيبي انت جار والجار له حق وأنا مش
ها اعاملك زي باقي الناس ياحبيبي .
فقال محمود : ازاي ياخواجة ؟
فقال كوهين : المبلغ اللي تاخذة ترجعه زي ماهوه ما اكتر .
فقال محمود : ( متعجبا ) لأ مش معقول ياخواجة !
فقال كوهين : طبعا لازم اضمن حقي يا محمود لازم نكتب عقد
بينا واللا ايه ياحبيبي .
فقال محمود : طبعا دا حقك يا خواجة .
فقال كوهين : ولازم نحط فيه شرط جزائي يا محمود .
فقال محمود : ( مترددا ) ماشي ياخواجة بس ايه هوه الشرط بتاعك ده ؟
فقال كوهين : إنك ترجع المبلغ اللي انت محتاجه في بحر سنة .
فقال محمود : ( سعيدا )ماشي ياخواجة .
فقال كوهين : ( بخبث ) طيب واذا انت خالفت الشرط ده اعمل ايه؟
فقال محمود : اللي تطلبه ياخواحه .
فقال كوهين : اخد رطل لحمه من جتتك يا حبيبي .
( ضحك محمود وكاد أن يقول شيئا )
فقال كوهين : ده شرطي ياحبيبي علشان تشتغل جد ولا تصرفشي
مالك في الحاجات البطالة .
فقال محمود : ماشي ياخواجة .
فقال كوهين : خلاص يا حبيبي نكتب العقد .
---------------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل ونري ما حدث
عودة شيلوك ( ٢ )
-----------------------------
تم تحرير العقد بين كوهين ومحمود في حضور الشهود - وأخذ محمود الألف دينار عدا ونقدا - وتعهد إن يرد المبلغ الي كوهين في امد أقصاه عام من تاريخ تحرير العقد واذا لم يسدد المبلغ في الأمد المحدد يكون ملزما بتنفيذ الشرط الجزائي ويكون من حق كوهين إن يقطع رطلا من لحمه .
----------------------------
ودع محمود زوجته الجميلة وولديه والاهل والأصدقاء - وركب دابته التي اشتراها خصيصا للرحلة وذلك بعد ان اعد للسفر عدته من مؤن وعلف - وانطلق مع القافلة الي بر الشام وذلك لتحاشي خطر اللصوص وقطاع الطرق .
-------------------------------------
بعد أن وصل محمود بسلامة الله الي دمشق - قرر إلا يهدر الكثير من الوقت وأخذ يتجول في شوارع المدينة يتفقد الامر - حتي لفت نظره وكالة كبيرة للتجارة وقد امتلأت عن بكرة أبيها بالزبائن فوقف يتأملها بعض الوقت ثم ربط دابته وتوكل على الله ودخل وسأل العمال عن صاحب الوكالة فدلوه عليه - الحاج عبد التواب - رجل علي مشارف الستينيات من عمره تبدو علي محياه امارات الهيبة والصلاح - فألقي محمود السلام عليه وكان يبدو مرتبكا - لكن الرجل نهض واقفا بعد أن نحي دفتر الحسابات جانبا - ومن ثَم سلم على محمود وشد علي يده بود وهو يقول بود :
( اهلا وسهلا ومرحبا - تفضل يارجل ) -
فقال محمود : بارك الله فيك وانا غريب ولي حاجة عندك
فقال الرجل : من أي بلد انت ؟
فقال محمود : من بغداد
فقال الرجل : اهلا وسهلا - تفضل قل حاجتك .
فقال محمود : انا اريد ان اشتغل
فقال الرجل : تفضل - الوكالة في حاجة إلي عمالة كثيرة
فقال محمود : لأ يا حاج انا لا اقصد هذا - انا اريد ان اتاجر .
ففكر الرجل قليلا ثم قال : هل ارسلك أحد ؟
فقال محمود : والله ربنا هو الذي ارسلني لك
فابتسم الرجل وقال : ونعم بالله العلي العظيم
ثم نادي أحد العمال وقال له :يا غلام خذ هذا الرجل وأذهب به الي الحاج صالح وقل له الحاج عبد التواب يقول لك اعمل اللازم مع هذا الرجل .
سار محمود مع الغلام مترددا ومرتبكا وهو يخشي من وقوع مفاجآت غير سارة ثم سأل الغلام : هل الحاج صالح بعيد ؟
فقال الغلام : ( لأ انه في الشارع القادم .
- وبعد قليل وصل محمود مع الغلام الي وكالة الحاج صالح حيث همس الغلام في أذن الحاج ببضع كلمات - فأشار الحاج بيده الي محمود وهو يقول :
اربط الحمار في الحلقة اللي هناك دي وتعالي .
--------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحكاية
عودة شيلوك ( ٣ )
-----------------------
جلس محمود في مواجهة الحاج صالح والذي اخذ يراجع بعض الحسابات قليلا ثم اغلق الدفتر - ومن ثم نهض وأخذ يدور في الوكالة يتفقد العمل - ثم عاد وجلس الي مكتبه وقال مبتسما : اهلا وسهلا بالأخ الكريم .
فقال محمود : اهلا وسهلا يا حاج صالح .
فقال الحاج صالح : طيب اسم الكريم ايه ؟
فقال محمود : اسمي محمود .
فقال الحاج : انت منين يا حاج محمود ؟
فقال محمود : من بغداد .
فقال الحاج : اهلا وسهلا انت نورت دمشق .
فقال محمود : شكرا يا حاج صالح .
فقال الحاج : انت عايز تتاجر ؟
فقال محمود : ايوه يا حاج - انا معايا مبلغ وعايز اتاجر به .
فقال الحاج : معاك كام يا حاج محمود ؟
فقال محمود : معايا تسعمائة دينار وشوية .
فقال الحاج : عال عال - وعايز تتاجر في ايه ؟
فقال محمود : ماهو علشان كدة انا جيت لك يا حاج .
فقال الحاج : عموما فيه تجارة سوقها ماشي كويس في دمشق
دلوقتي زي الغلال والقماش والعطارة والاسلحة
والزيوت والدقيق والأخشاب وانت عليك بقي
تختار اللي يناسبك .
فقال محمود : انت رايك ايه يا حاج ؟
فقال الحاج : والله كله كويس لكن انا افضل تجارة القماش
دلوقتي الحرير ماشاء الله احسن من الذهب -
والصوف الجوت وكله بصراحة .
فقال محمود : ربنا يسترك ويببشرك بالخير يا حاج .
فقال الحاج : يبقي لازم نبدا نأجر لك دكان في مكان كويس
وطبعا انا ها اعرفك علي تجار يدلوك تجيب
القماش منين وازاي تتاجر فيه .
فقال محمود : ربنا يكرمك يا حاج .
فقال الحاج : لكن انت متجوز ياحاج محمود ؟
فقال محمود : نعم وعندي ولدين لكني تركت مراتي وولادي في بغداد .
فقال الحاج : يبقي عايزين نشوف لك بيت صغير كدة تسكن فيه .
فقال محمود : والله يا حاج انا مش عارف اشكرك ازاي - بس خايف
اعطلك عن الوكالة .
فقال الحاج : ياحاج محمود انت جايلي من طرف الحاج
عبد التواب شهبندر التجار في دمشق وفي بر الشام كله .
فقال محمود : ده بفضل دعاء امي .
فقال الحاج : خلاص يا معلم محمود انت ضيفي لحد مانشوف
لك البيت والدكان ومن بكرة ان شاء الله تعالى انا
ها لبعتك عن واحد صاحبي عنده محل قماش تشتغل
معاه يومين وتاخد الخبرة اللازمة .
فقال محمود : طيب ياحاج صالح ياتري المبلغ اللي معايا هايكفي ؟
فقال الحاج : ماتحملش هم - واحنا بتشتري البضاعة - لو احتجت
اي مبلغ انا ها ادفعه وبعد نبقي نتحاسب .
فقال محمود : والله ياحاج صالح انت ابن حلال - امي ليل نهار
تدعيلي وتقول روح ربنا يوقفك ولاد الحلال .
---------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديث
عودة شيلوك ( ٤ )
-----------------------------
مضت حوالي عشرة أشهر منذ إن وصل محمود الي دمشق - وبينما كان جالسا الي مكتبه يراقب حركة البيع في محل بيع القماش الخاص به - لمح الحاج صالح يمر من بعيد فهرع اليه وهو يناديه - وجاء الحاج صالح وجلس معه وأخذت يتحدثان قليلا ثم قال الحاج صالح : يا حاج محمود انا مش سامع حاجة - ماشاء الله الزباين ماليين المحل واصواتهم عالية قوي - وأنا رايي تيجي عندي في الوكالة ونتكلم براحتنا . فقال محمود : مفيش مانع عندي يا حاج صالح .
انتقل الحاج صالح والحاج محمود الي وكالة الحاج صالح والذي بادر بالقول : انت كنت بتقول ايه يا حاج محمود ؟ فقال محمود : أنا يعني عايز اصفي الشغل بقي واروح بلدي بقي . فقال الحاج صالح بقلق شديد : تصفي الشغل وتروح بلدك ؟ ليه لا سمح الله ؟ هوه فيه حد زعلك ياحاج محمود ؟ فقال محمود : لأ مفيش زعل ولا يا حاج - بس انا الحمد لله حققت اللي كان في نفسي وربنا أكرمني آخر كرم - كسبت كتير وحجيت بيت الله معاكم وبعدين الولاد وحشوني يعني . فقال الحاج صالح غاضبا : لأ يا حاج محمود ده واليعاذ بالله بطر علي النعمة . فقال محمود : لا والله يا حاج صالح الفكرة مش كدة و انا ....فقاطعه الحاج صالح : الشغل معاك ماشاء الله ماشي كويس قوي قوي والناس كلها حبتك وتيجي انت تقول العيال وحشتك - هوه انت بتعمل كل ده لمين ؟ مش للولاد برضه يا حاج ؟ .فقال محمود : لأ اصل فيه موضوع كدة ... فقاطعه صالح قائلا : موضوع ايه يا راجل ؟ احنا كلنا حبينا فيك الصدق والأمانة والصلاح - والحاج عبد التواب شهبندر التجار بيقول انه معرفش حد محترم وبيتاجر بأمانة زيك . فقال محمود : اصل بس انا عندي مشكلة يا حاج صالح . فقال الحاج صالح : والحل موجود إن شاء الله تعالى - ايه بقي مشكلتك يا سيد المعلمين ؟ فقال محمود : بصراحة يا معلم المبلغ اللي بدأت التجارة به انا كنت اقترضته ولازم اسدده قبل السنة ماتعدي لأن فيه شرط جزائي . فقال الحاج صالح : طيب وفيها ايه دي ؟ انت طبيعي لازم تسدد الدين سواءا ان كان فيه شرط جزائي أو مفيش .فقال محمود : ايوه طبعا ياحاج - فقال الحاج صالح : انت ترسل المبلغ اللي عليك للست حرمك ومعاه رسالة وخليها تسدد المبلغ وتسحب العقد أو الإيصال اللي عليك . ففكر محمود قليلا ثم مترددا : يعني انت شايف كدة ياحاج ؟ فقال الحاج صالح : ....
--------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديثعودة شيلوك ( ٥ )
-------------------------
تكملة ما سبق
فقال الحاج صالح : ومش كدة وبس - انت لازم تكبر الشغل اكتر علشان الزحمة اللي عندك دي يعني لازم تفتح دكان تاني . فقال محمود : والله يا حاج انا فكرت كتير في الموضوع ده لكن.... - فقاطعه الحاج صالح قائلا : مفيش لكن وكمان يكون في علمك انت لازم تجيب الست حرمك والاولاد هنا - همه قاعدين في بغداد يعملوا ايه ؟ فقال محمود : برضه انا فكرت كتير في الموضوع ده ياحاج صالح - لكن امي واخواتي وقرايبي..... فقاطعه الحاج صالح قائلا : طيب عموما يا حاج محمود احنا نأجل الكلام في الموضوع ده دلوقتي - وانت تقوم تباشر الشغل عندك وتعمل حسابك الغدا عندي النهاردة . فقال محمود : بلاش النهاردة ياحاج .فقال الحاج صالح : لازم النهاردة علشان بعد الغدا حانروح نشوف محل كويس علي ناصية شارع كبير وقريب من هنا ونأجره لك .
-----------------------
أخذ الحاج محمود يستقبل وفود المهنئين بعودته من دمشق سالما غانما - وجاء الاهل والأصدقاء والجيران - واستقبلهم الحاج محمود بالحفاوة البالغة - وكان في مقدمة الذين حضروا الخواجة كوهين والذي بالغ الحاج محمود في الحفاوة به - واجلسه الي جانبه وهو يقول : اهلا وسهلا ياخواجة اهلا وسهلا - فقال الخواجة : شكرا ياحبيبي انت نورت بغداد . فقال محمود : الله يخليك ياخواجة كوهين انت ربنا جعلك باب السعد ليا والله . فقال الخواجة : كلك زوق ياحبيبي . وأخذ الخواجة يراقب محمود وهو يوزع الهدايا علي الزوار ثم همس في أذنه قائلا : حاسب شوية يا محمود ايه البعزقه دي كلها ياحبيبي ؟ فقال محمود : والله ياخواجة كوهين ربنا أكرمني آخر كرم وكسبت كتير قوي وحجيت بيت الله وعندي محلين قماش كبار في دمشق - وكمان شاركت تاجر زميلي وفتحنا محل عطارة كبير قوي والحمد لله رب العالمين . فقال الخواجة كوهين : ربنا يوسع عليك كمان وكمان ياحبيبي . فقال محمود : وبالمناسبة ياخواجة انا جايب لكم انت والست حرمك شوية هدايا هاتعجبكم قوي . فقال الخواجة كوهين : شكرا ياحبيبي . وقال محمود : وكمان جبت لك ( وانحني علي كوهين وهمس في أذنه وقال شيئا ) فضحك كوهين وقال : الله يجازيك يا محمود دا خلاص راحت علينا ياحبيبي . فقال محمود : انت ماشاء شباب ياخواجة فقال الخواجة كوهين : بس نسيت تجيب اهم حاجة يا محمود. فقال محمود بدهشة : هيه ايه دي ياخواجة ؟ فقال الخواجة : الأمانة اللي عندك ياحبيبي . فقال محمود باستغراب : أمانة ايه ياخواجة؟ فقال الخواجة : الألف دينار ياحبيبي . فصاح محمود بفزع قائلا : انت بتقول ايه يا راجل انت انت اتجنيت واللا ايه ؟ فقال الخواجة : لأ ياحبيبي وبلاش تغلط انت خالفت شروط العقد ياحبيبي . فصاح محمود بفزع شديد : ازاي ياراجل انت ؟ يانهار اسود ! .
---------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديث .
----------------------------
مقدمة :
كلما شاهدت الرئيس الامريكي ترامب تذكرت شخصية شيلوك ذلك المرابي اليهودي في رائعة شكسبير تاجر البندقية - والتي تعود في أصولها الي قصة عربية تدور احداثها في بغداد وحمص - وهي قصة تراثية ليس لها مؤلف بل ربما اشترك في تأليفها العشرات - هذا يضيف وذلك يحذف حتي وصلت الي شكسبير ليستوعبها جيدا ثم يقتبس منها ويكتب مسرحيته الرائعة - ويجسد فيها العقلية اليهودية التي تحرص علي كسب المال بأي ثمن بصرف النظر عن مدي شرعية الكسب أم لا - ممثلا ذلك في التاجر المرابي اليهودي شيلوك .
وانا هنا لست بصدد هذه المسرحية
وإنما سوف أركز علي ملخص النص العربي .
------------------------------
قالوا :
كان يوجد في بغداد تاجر يهودي مرابي اسمه كوهين - وهو متزوج من امرأة دميمة لكنها كانت وحيدة ووريثة ابيها الثري جدا ولذلك تزوجها كوهين - وكان لكوهين جار مسلم اسمه محمود - وكان محمود هذا فقير جدا ومتزوج من امرأة بلغت غاية الحسن والجمال - وكان كوهين كلما راي زوجة محمود أو حتي سمع صوتها امتلأ قلبه بالحقد والحسد من زوجها محمود ولذلك قرر أن يتخلص منه .
ذات يوم استدعي كوهين جارة محمود وأخذ يلومه علي كسله الشديد وفقره المدقع فقال محمود : طيب اعمل ايه ياخواجة ؟
قال كوهين : اشتغل بالتجارة ياحبيبي .
فقال محمود : التجارة محتاجة راس مال وأنا لا أملك درهما .
فقال كوهين : المال موجود ياحبيبي
فقال محمود : والله يبقي لك الاجر والثواب ياخواجة .
فقال كوهين : انت محتاج كام يا حبيبي؟
فقال محمود : والله انا محتاج الف دينار لكي أستطيع ان اشتري
البضاعة اللازمة لكن .. .
فقال كوهين : لكن ايه ياحبيبي ؟
فقال محمود : أنا خايف من الفائدة ياخواجة انت ولمؤاخذة بتاخد
الدينار لاثنين واحيانا بثلاثة
فقال كوهين : اسمع يا محمود انا عمري ماضربت حد علي ايده ياحبيبي
اللي عاجبه ياخد واللي مش عاجبه يديني قفاه .
فقال محمود : هوه ده اللي مخوفني
فقال كوهين : لأ ياحبيبي انت جار والجار له حق وأنا مش
ها اعاملك زي باقي الناس ياحبيبي .
فقال محمود : ازاي ياخواجة ؟
فقال كوهين : المبلغ اللي تاخذة ترجعه زي ماهوه ما اكتر .
فقال محمود : ( متعجبا ) لأ مش معقول ياخواجة !
فقال كوهين : طبعا لازم اضمن حقي يا محمود لازم نكتب عقد
بينا واللا ايه ياحبيبي .
فقال محمود : طبعا دا حقك يا خواجة .
فقال كوهين : ولازم نحط فيه شرط جزائي يا محمود .
فقال محمود : ( مترددا ) ماشي ياخواجة بس ايه هوه الشرط بتاعك ده ؟
فقال كوهين : إنك ترجع المبلغ اللي انت محتاجه في بحر سنة .
فقال محمود : ( سعيدا )ماشي ياخواجة .
فقال كوهين : ( بخبث ) طيب واذا انت خالفت الشرط ده اعمل ايه؟
فقال محمود : اللي تطلبه ياخواحه .
فقال كوهين : اخد رطل لحمه من جتتك يا حبيبي .
( ضحك محمود وكاد أن يقول شيئا )
فقال كوهين : ده شرطي ياحبيبي علشان تشتغل جد ولا تصرفشي
مالك في الحاجات البطالة .
فقال محمود : ماشي ياخواجة .
فقال كوهين : خلاص يا حبيبي نكتب العقد .
---------------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل ونري ما حدث
عودة شيلوك ( ٢ )
-----------------------------
تم تحرير العقد بين كوهين ومحمود في حضور الشهود - وأخذ محمود الألف دينار عدا ونقدا - وتعهد إن يرد المبلغ الي كوهين في امد أقصاه عام من تاريخ تحرير العقد واذا لم يسدد المبلغ في الأمد المحدد يكون ملزما بتنفيذ الشرط الجزائي ويكون من حق كوهين إن يقطع رطلا من لحمه .
----------------------------
ودع محمود زوجته الجميلة وولديه والاهل والأصدقاء - وركب دابته التي اشتراها خصيصا للرحلة وذلك بعد ان اعد للسفر عدته من مؤن وعلف - وانطلق مع القافلة الي بر الشام وذلك لتحاشي خطر اللصوص وقطاع الطرق .
-------------------------------------
بعد أن وصل محمود بسلامة الله الي دمشق - قرر إلا يهدر الكثير من الوقت وأخذ يتجول في شوارع المدينة يتفقد الامر - حتي لفت نظره وكالة كبيرة للتجارة وقد امتلأت عن بكرة أبيها بالزبائن فوقف يتأملها بعض الوقت ثم ربط دابته وتوكل على الله ودخل وسأل العمال عن صاحب الوكالة فدلوه عليه - الحاج عبد التواب - رجل علي مشارف الستينيات من عمره تبدو علي محياه امارات الهيبة والصلاح - فألقي محمود السلام عليه وكان يبدو مرتبكا - لكن الرجل نهض واقفا بعد أن نحي دفتر الحسابات جانبا - ومن ثَم سلم على محمود وشد علي يده بود وهو يقول بود :
( اهلا وسهلا ومرحبا - تفضل يارجل ) -
فقال محمود : بارك الله فيك وانا غريب ولي حاجة عندك
فقال الرجل : من أي بلد انت ؟
فقال محمود : من بغداد
فقال الرجل : اهلا وسهلا - تفضل قل حاجتك .
فقال محمود : انا اريد ان اشتغل
فقال الرجل : تفضل - الوكالة في حاجة إلي عمالة كثيرة
فقال محمود : لأ يا حاج انا لا اقصد هذا - انا اريد ان اتاجر .
ففكر الرجل قليلا ثم قال : هل ارسلك أحد ؟
فقال محمود : والله ربنا هو الذي ارسلني لك
فابتسم الرجل وقال : ونعم بالله العلي العظيم
ثم نادي أحد العمال وقال له :يا غلام خذ هذا الرجل وأذهب به الي الحاج صالح وقل له الحاج عبد التواب يقول لك اعمل اللازم مع هذا الرجل .
سار محمود مع الغلام مترددا ومرتبكا وهو يخشي من وقوع مفاجآت غير سارة ثم سأل الغلام : هل الحاج صالح بعيد ؟
فقال الغلام : ( لأ انه في الشارع القادم .
- وبعد قليل وصل محمود مع الغلام الي وكالة الحاج صالح حيث همس الغلام في أذن الحاج ببضع كلمات - فأشار الحاج بيده الي محمود وهو يقول :
اربط الحمار في الحلقة اللي هناك دي وتعالي .
--------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحكاية
عودة شيلوك ( ٣ )
-----------------------
جلس محمود في مواجهة الحاج صالح والذي اخذ يراجع بعض الحسابات قليلا ثم اغلق الدفتر - ومن ثم نهض وأخذ يدور في الوكالة يتفقد العمل - ثم عاد وجلس الي مكتبه وقال مبتسما : اهلا وسهلا بالأخ الكريم .
فقال محمود : اهلا وسهلا يا حاج صالح .
فقال الحاج صالح : طيب اسم الكريم ايه ؟
فقال محمود : اسمي محمود .
فقال الحاج : انت منين يا حاج محمود ؟
فقال محمود : من بغداد .
فقال الحاج : اهلا وسهلا انت نورت دمشق .
فقال محمود : شكرا يا حاج صالح .
فقال الحاج : انت عايز تتاجر ؟
فقال محمود : ايوه يا حاج - انا معايا مبلغ وعايز اتاجر به .
فقال الحاج : معاك كام يا حاج محمود ؟
فقال محمود : معايا تسعمائة دينار وشوية .
فقال الحاج : عال عال - وعايز تتاجر في ايه ؟
فقال محمود : ماهو علشان كدة انا جيت لك يا حاج .
فقال الحاج : عموما فيه تجارة سوقها ماشي كويس في دمشق
دلوقتي زي الغلال والقماش والعطارة والاسلحة
والزيوت والدقيق والأخشاب وانت عليك بقي
تختار اللي يناسبك .
فقال محمود : انت رايك ايه يا حاج ؟
فقال الحاج : والله كله كويس لكن انا افضل تجارة القماش
دلوقتي الحرير ماشاء الله احسن من الذهب -
والصوف الجوت وكله بصراحة .
فقال محمود : ربنا يسترك ويببشرك بالخير يا حاج .
فقال الحاج : يبقي لازم نبدا نأجر لك دكان في مكان كويس
وطبعا انا ها اعرفك علي تجار يدلوك تجيب
القماش منين وازاي تتاجر فيه .
فقال محمود : ربنا يكرمك يا حاج .
فقال الحاج : لكن انت متجوز ياحاج محمود ؟
فقال محمود : نعم وعندي ولدين لكني تركت مراتي وولادي في بغداد .
فقال الحاج : يبقي عايزين نشوف لك بيت صغير كدة تسكن فيه .
فقال محمود : والله يا حاج انا مش عارف اشكرك ازاي - بس خايف
اعطلك عن الوكالة .
فقال الحاج : ياحاج محمود انت جايلي من طرف الحاج
عبد التواب شهبندر التجار في دمشق وفي بر الشام كله .
فقال محمود : ده بفضل دعاء امي .
فقال الحاج : خلاص يا معلم محمود انت ضيفي لحد مانشوف
لك البيت والدكان ومن بكرة ان شاء الله تعالى انا
ها لبعتك عن واحد صاحبي عنده محل قماش تشتغل
معاه يومين وتاخد الخبرة اللازمة .
فقال محمود : طيب ياحاج صالح ياتري المبلغ اللي معايا هايكفي ؟
فقال الحاج : ماتحملش هم - واحنا بتشتري البضاعة - لو احتجت
اي مبلغ انا ها ادفعه وبعد نبقي نتحاسب .
فقال محمود : والله ياحاج صالح انت ابن حلال - امي ليل نهار
تدعيلي وتقول روح ربنا يوقفك ولاد الحلال .
---------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديث
عودة شيلوك ( ٤ )
-----------------------------
مضت حوالي عشرة أشهر منذ إن وصل محمود الي دمشق - وبينما كان جالسا الي مكتبه يراقب حركة البيع في محل بيع القماش الخاص به - لمح الحاج صالح يمر من بعيد فهرع اليه وهو يناديه - وجاء الحاج صالح وجلس معه وأخذت يتحدثان قليلا ثم قال الحاج صالح : يا حاج محمود انا مش سامع حاجة - ماشاء الله الزباين ماليين المحل واصواتهم عالية قوي - وأنا رايي تيجي عندي في الوكالة ونتكلم براحتنا . فقال محمود : مفيش مانع عندي يا حاج صالح .
انتقل الحاج صالح والحاج محمود الي وكالة الحاج صالح والذي بادر بالقول : انت كنت بتقول ايه يا حاج محمود ؟ فقال محمود : أنا يعني عايز اصفي الشغل بقي واروح بلدي بقي . فقال الحاج صالح بقلق شديد : تصفي الشغل وتروح بلدك ؟ ليه لا سمح الله ؟ هوه فيه حد زعلك ياحاج محمود ؟ فقال محمود : لأ مفيش زعل ولا يا حاج - بس انا الحمد لله حققت اللي كان في نفسي وربنا أكرمني آخر كرم - كسبت كتير وحجيت بيت الله معاكم وبعدين الولاد وحشوني يعني . فقال الحاج صالح غاضبا : لأ يا حاج محمود ده واليعاذ بالله بطر علي النعمة . فقال محمود : لا والله يا حاج صالح الفكرة مش كدة و انا ....فقاطعه الحاج صالح : الشغل معاك ماشاء الله ماشي كويس قوي قوي والناس كلها حبتك وتيجي انت تقول العيال وحشتك - هوه انت بتعمل كل ده لمين ؟ مش للولاد برضه يا حاج ؟ .فقال محمود : لأ اصل فيه موضوع كدة ... فقاطعه صالح قائلا : موضوع ايه يا راجل ؟ احنا كلنا حبينا فيك الصدق والأمانة والصلاح - والحاج عبد التواب شهبندر التجار بيقول انه معرفش حد محترم وبيتاجر بأمانة زيك . فقال محمود : اصل بس انا عندي مشكلة يا حاج صالح . فقال الحاج صالح : والحل موجود إن شاء الله تعالى - ايه بقي مشكلتك يا سيد المعلمين ؟ فقال محمود : بصراحة يا معلم المبلغ اللي بدأت التجارة به انا كنت اقترضته ولازم اسدده قبل السنة ماتعدي لأن فيه شرط جزائي . فقال الحاج صالح : طيب وفيها ايه دي ؟ انت طبيعي لازم تسدد الدين سواءا ان كان فيه شرط جزائي أو مفيش .فقال محمود : ايوه طبعا ياحاج - فقال الحاج صالح : انت ترسل المبلغ اللي عليك للست حرمك ومعاه رسالة وخليها تسدد المبلغ وتسحب العقد أو الإيصال اللي عليك . ففكر محمود قليلا ثم مترددا : يعني انت شايف كدة ياحاج ؟ فقال الحاج صالح : ....
--------------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديثعودة شيلوك ( ٥ )
-------------------------
تكملة ما سبق
فقال الحاج صالح : ومش كدة وبس - انت لازم تكبر الشغل اكتر علشان الزحمة اللي عندك دي يعني لازم تفتح دكان تاني . فقال محمود : والله يا حاج انا فكرت كتير في الموضوع ده لكن.... - فقاطعه الحاج صالح قائلا : مفيش لكن وكمان يكون في علمك انت لازم تجيب الست حرمك والاولاد هنا - همه قاعدين في بغداد يعملوا ايه ؟ فقال محمود : برضه انا فكرت كتير في الموضوع ده ياحاج صالح - لكن امي واخواتي وقرايبي..... فقاطعه الحاج صالح قائلا : طيب عموما يا حاج محمود احنا نأجل الكلام في الموضوع ده دلوقتي - وانت تقوم تباشر الشغل عندك وتعمل حسابك الغدا عندي النهاردة . فقال محمود : بلاش النهاردة ياحاج .فقال الحاج صالح : لازم النهاردة علشان بعد الغدا حانروح نشوف محل كويس علي ناصية شارع كبير وقريب من هنا ونأجره لك .
-----------------------
أخذ الحاج محمود يستقبل وفود المهنئين بعودته من دمشق سالما غانما - وجاء الاهل والأصدقاء والجيران - واستقبلهم الحاج محمود بالحفاوة البالغة - وكان في مقدمة الذين حضروا الخواجة كوهين والذي بالغ الحاج محمود في الحفاوة به - واجلسه الي جانبه وهو يقول : اهلا وسهلا ياخواجة اهلا وسهلا - فقال الخواجة : شكرا ياحبيبي انت نورت بغداد . فقال محمود : الله يخليك ياخواجة كوهين انت ربنا جعلك باب السعد ليا والله . فقال الخواجة : كلك زوق ياحبيبي . وأخذ الخواجة يراقب محمود وهو يوزع الهدايا علي الزوار ثم همس في أذنه قائلا : حاسب شوية يا محمود ايه البعزقه دي كلها ياحبيبي ؟ فقال محمود : والله ياخواجة كوهين ربنا أكرمني آخر كرم وكسبت كتير قوي وحجيت بيت الله وعندي محلين قماش كبار في دمشق - وكمان شاركت تاجر زميلي وفتحنا محل عطارة كبير قوي والحمد لله رب العالمين . فقال الخواجة كوهين : ربنا يوسع عليك كمان وكمان ياحبيبي . فقال محمود : وبالمناسبة ياخواجة انا جايب لكم انت والست حرمك شوية هدايا هاتعجبكم قوي . فقال الخواجة كوهين : شكرا ياحبيبي . وقال محمود : وكمان جبت لك ( وانحني علي كوهين وهمس في أذنه وقال شيئا ) فضحك كوهين وقال : الله يجازيك يا محمود دا خلاص راحت علينا ياحبيبي . فقال محمود : انت ماشاء شباب ياخواجة فقال الخواجة كوهين : بس نسيت تجيب اهم حاجة يا محمود. فقال محمود بدهشة : هيه ايه دي ياخواجة ؟ فقال الخواجة : الأمانة اللي عندك ياحبيبي . فقال محمود باستغراب : أمانة ايه ياخواجة؟ فقال الخواجة : الألف دينار ياحبيبي . فصاح محمود بفزع قائلا : انت بتقول ايه يا راجل انت انت اتجنيت واللا ايه ؟ فقال الخواجة : لأ ياحبيبي وبلاش تغلط انت خالفت شروط العقد ياحبيبي . فصاح محمود بفزع شديد : ازاي ياراجل انت ؟ يانهار اسود ! .
---------------------------------
غدا ان شاء الله تعالي نواصل الحديث .
تعليقات
إرسال تعليق