قصة قصيرة :ممنوع من الحب. / بقلم عمر بنحيدي 24/2/2020

قصة قصيرة  :ممنوع من الحب.
 يوسف شاب وسيم ، حلو المظهر والمعشر. كلامه  دوما ملفوف في ابتسامة ساحرة، تشد الأدن والعين معا. منذ صغره وهو محور الجلسات  سواء بين النساء أو الرجال. الكل يلاطفه ويمازحه، فشب بشوسا إجتماعيا ،يندمج في كل المجموعات التي يصادفها. الشيء الوحيد الذي ينغص سعادته، هي كونه يلحظ ويحس  بشفقتهم عليه . فهو لا يمكنه الركض وراء الكرة مثل أقرانه، بل يكتفى فقط بمتابعتهم وهم يتدافعون ويصيحون، بل كثيرا ما يتشاجرون، نعمة! لا يشعر بقيمتها إلا من حُرِم منها.. والسبب هو قلبه الرهيف، بل الضعيف. كم مرة صاح في وجه أمه : لا أريد جمالا ولا أناقة أريد قلبا سالما.
 و قلب الأم متسامح ، فترد : تلك مشيئة الله تعالى، وإن شاء الله ستشفى. وتكون أنت مثلهم قوة ولكنهم لن يكونوا مثلك جمالا أبدا .
 تعايش مع القلب البطيء اقثلنبض، لا علاج إلا بأمر الله سبحانه. ولكن هذا لايمنعه من الارتباط والزواج. فقد أحب زبيدة ابنة الجيران. هي متوسطة الحال ولها نصيبها من   الجمال، وعارفة بوضعه الصحي. بل كم مرة زارته في البوليكلينيك و  قشرت تفاحا وأطعمته بيديها ، وكانت فترات استشفائه، رغم ما يكنفها من ألم ووجع، أحلى الفترات. فبمجرد أن يتناهي صوتها إلى مسمعه، ترف جفونه وتنفتح عيناه لتعانقها وبعد أن تلمس يدها راحته يسترد بعض عافيته.
 لاحظ أبواه  تحسن حالته كلما أقبلت  زبيدة. أخبرا الطبيب  . وقد تأكدوا من الأمر أكثر من مرة . 
  وهكذا قررت  العائلة  مفاتحته قبل الإقدام على الخطوة الحاسمة.
 لما أجلسته أمه جنبها، كان أبوه بالغرفة الأخرى وأدنه على الباب.
  الأم :  مرّٓ يومان دون أن أرى زبيدة.
  لم ينتبه إلا لما سمع اسمها. فرفع عينيه مستفسرا .
    فسألته :  ما رأيك  هل تقبلها زوجة؟
    فابتسم ابتسامة عريضة، و ارتمى على صدر أمه يعانقها بحرارة. وهي طبعا في غاية الفرح والسرور من أجله.
    سألت أم يو سف عن زبيدة، فاخبرتها أنها عند خالتها في حي آخر، وأنها لن تعود إلا بعد يومين أو ثلاث.
    تحفظ ابو زبيدة من زواج كهذا، فالزوج المفترض مريض بالقلب، وستكون ابنته دوما مهددة بالترمل. فقالها صراحة : لا.
    أما أم زبيدة فهي صديقة أم يوسف، وتعتبر يوسف كأنه ابنها.. فالتزمت الحياد. هي أيضاً صارحت أم يوسف : أنا أعذروني، إن قبل أبوها قبلت و إن رفض رفضت. فعاد الخاطبون منكسي الرأس. لم يعرفوا كيف سبخبرونه الحقيقة، وكيف سيكون رد فعله. لكن إلى متى سيخفون الأمر ،ثم هو ذكي جدا، فمن طريقة كلامهما  معه ، استنتج الجواب. فدخل في أزمة خطيرة. نقل على إثرها إلى  العيادة  وهناك بقى في الإنعاش لمدة يومين. فلم يفتح عينيه إلا لما سمع صوتها، كأنه هديل الحمام..
    تٓمّٓ إستدعاء الطبيب لمعاينة حالته ، فسمح له  بالمغادرة، لكن بعدما أخبرته بكل شيء  . ليؤكد لها نوع  الدواء الناجع والوحيد،الذي  بدونه سيفقد المريض حياته.
    وقبل المغادرة طلبت من زوجها وابنها أن يسبقاهما إلى البيت، فهي سترافق الفتاة لاقتناء بعض الحاجيات.
    لم تتعود المرأة على ارتياد المقاهي ،فاقترحت على زبيدة التمشي قليلا بهدف أن تحكي لها بعض همومها. حيلة لم تنطل عليها خاصة وأن أمها أخبرتها بكل شيء.
  زبيدة : خالتي. أعرف ماذا ستقولين. وأنا موافقة. لهذا السبب جئت لزيارتكم.
    قبّٓلت المرأة رأس البنت، رغم امتناع هذه الأخيرة، وأكدت لها أن كل شروطها مقبولة وبدون سماعها. لكن البنت كانت كريمة جدا، بحيث لم تطلب غير الزواج بمن أحبه قلبها.
      ضغطت زبيدة على أبويها حتى أذعنا لرأيها. وتم الزواج. وعمت الفرحة أرجاء بيت سكنه الحزن والألم سنوات، بأن تماثل يوسف  إلى حد ما للشفاء. فقد كانت له زوجة وممرضة  وكل شيء.
      لكنه ورغم تحذيراتها  فإنه يجهد نفسه بملذات الحياة خوفا من  أن يحين أجله وهو لم يشبع بعد، لهذا أصيب بوعكة كادت تعجل بذلك . وقبل مغادرته العيادة أخبره الطبيب أنه صار بالإمكان  التبرع بالأعضاء البشرية. لهذا عليه أن يسجل اسمه ضمن المستفيدين مستقبلا. فتدخلت زوجته : و أنا دكتور أسجل اسمي ضمن المتبرعين..
بعد عدة شهور عاشها يوسف مع زبيده في سعادة تامة وقع حادث مروع، نغص حياتهما ، بل قلبها رأسا على عقب.. فقد انقلبت السيارة بزبيدة في أحد المنعرجات. عجز الطاقم الطبي عن إنقادها. و لكن رئيسه قال :  كانت  الهالكة تعيش بأعضاء مجتمعة في جسد واحد ، والآن بفضل تبرعها بأعضائها ستعيش في أجساد متعددة.
وكان قلبها من نصيب زوجها يوسف.
مرت فترة حزنه على من كانت روحه وسنده ،  وهي فترة، على كل حال، يراها هو طويلة جدا ،حيث  تجاوزت نصف سنة. ستة أشهر قضاها  محروما من لذائذ الحياة.،! كفى. فقرر   أن يعب المتع عٓبًّا.
أول شيء لابد من حبيبة يحبها ، وكلما تقرب من واحدة أو هي تقربت منه يحس، جهة قلبه بوخز مؤلم، ثم وعكات حادة حين يسرف.
استشار طبيبه ليذكره بأنه ممنوع من حب  امرأة أخرى مادام يحمل قلب زبيدة . وما عليه إلا الوفاء أو  الرذى.
انتهت
عمر بنحيدي 24/2/2020

تعليقات

المشاركات الشائعة

مبارك من القلب الدكتوراه الفخرية. د.عبد العزيز بن صالح بن عبدالله الدخيل.

يايها العمر .Nagwa Shafeek

حلم.بقلمي:الكاتبة زهراء الركابي✍️